السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
كل إنسان عنده مشكلة : شاب يبحث عن عمل ، شاب يبحث عن زوجة ، إنسان له زوجة ليست كما يتمنى ، إنسان دخله قليل ، إنسان عليه ديون لا قِبَل له بوفائها ، وما أكثر الهمومَ ، إنسان عنده مشكلة صحية ، حياة البشر هكذا أرادها الله أن تكون .
نحن في دار ابتلاء لا في دار جزاء ، نحن في دار تكليف لا في دار تشريف ، نحن في دار عمل لا في دار أمل ، طبيعة الحياة الدنيا كما وردت في بعض الآثار : (( إن هذه الدنيا دار التواء لا دار استواء ، ومنزل ترح لا منزل فرح ، فمن عرفها لم يفرح لرخاء ، ولم يحزن لشقاء ، قد جعلها الله دار بلوى ، وجعل الآخرة دار عقبى ، فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سببا ، وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضا ، فيأخذ ليعطي ، ويبتلي ليجزي )) [ ورد في الأثر ]
لذلك لعلماء العقيدة رأي في أسماء الله الحسنى يجدر أن أتحدث عنه: لا يجوز أن تقول: الله ضار، مع أن الضار من أسماء الله الحسنى، يجب أن تقول: ضار نافع، أي أنه يضر لينفع، لا يجوز أن تقول: الله خافض، فقط، مع أن الخافض من أسمائه الحسنى، قل: خافض رافع، يخفض ليرفع، لا يجوز أن تقول: الله مذل، هو مذل، لكنه مذل معز، يذل ليعز .
مـجـالات الإمـتـحـان :-
1- الإمتحان بالعطاء :
أيها الإخوة ، شاءت حكمة الله أن تكون الحياة دار ابتلاء ، الابتلاء هو الامتحان ، لكن ما هي بنود امتحان كل واحد منا ؟ أنت ممتحن في زمرتين ، في زمرة مكنك الله منها ، أعطاك مالا فأنت ممتحن بالمال ، أعطاك صحة ، أعطاك عقلا راجحا ، أعطاك طلاقة لسان ، أعطاك شكلا وسيما ، هذه الميزات ، وهذه الخصائص ، وهذه الحظوظ بنود امتحانك مع الله ، فقد تنجح وربما لا تنجح .
2- الإمتحان بالمنع :
الآن : هناك بنود أخرى ، زوى عنك الصحة أحياناً ، عندك متاعب في جهاز الهضم مستمرة ، زوى عنك الوسامة ، فلا وسامة ، زوى عنك المال ، دخل محدود .
أنت ممتحن في زمرتين ، الحظوظ التي مكنك الله منها ، والحظوظ التي زويت عنك ، من هنا جاء الدعاء الرائع :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخَطْمِيِّ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ : (( اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي حُبَّكَ ، وَحُبَّ مَنْ يَنْفَعُنِي حُبُّهُ عِنْدَكَ ، اللَّهُمَّ مَا رَزَقْتَنِي مِمَّا أُحِبُّ فَاجْعَلْهُ قُوَّةً لِي فِيمَا تُحِبُّ ، اللَّهُمَّ وَمَا زَوَيْتَ عَنِّي مِمَّا أُحِبُّ فَاجْعَلْهُ فَرَاغًا لِي فِيمَا تُحِبُّ )) [ الترمذي ]
لذلك الآية الكريمة : ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ﴾ ( سورة القصص الآية: 77 )
إذا آتاك الله المال فابتغِ به الدار الآخرة ، إذا آتاك الصحة فاستهلكها في طاعة الله ، إذا آتاك الله مالاً فأنفِقه في سبيل الله ، إذا آتاك الله طلاقة لسان فكن داعية إلى الله ؛ بيّن الحق ، بيّن القرآن : ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ﴾
إذاً : نحن في دار ابتلاء ، والابتلاء منوّع ، إما إيجابي أو سلبي ، لو كان الابتلاء سلبيا فأنت أمام طريق مسدود ، ما من عمل ، وشاب بغير زواج ، ما عنده بيت ، مشكلات الحياة لا تعد ولا تحصى ، مرض معقد يحتاج إلى أموال طائلة ، هذا كرب .
قـانـون الـفَـرَج : وَمَـن يَـتَّـقِ اللَّهَ يَـجْـعَـل لَّـهُ مَـخْـرَجًـا
والله الذي لا إله إلا هو، لزوال الكون أهون على الله من أن تتقي الله ثم لا ترى الفرج ، في أيّ مكان كنت ، في أيّ زمان ، بأي محيط ، بأي بيئة ، بأي نظام ، بدولة غنية ، فقيرة ، شرق ، غرب ﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ﴾ ( سورة الطلاق )
هذه شعار عظيم لكل شاب ، ممَّ تشكو ؟ اتقِ الله ، اتقِ الله يجعل لك مخرجا ، اتقِ الله في اختيار زوجتك يجعل الله لك مخرجاً من الشقاء الزوجي ، اخترها ذات دين ، تربت يداك إن لم تفعل ، اخترها تعرف الله ، إنها أم أولادك ، من يتق الله في اختيار زوجته يجعل الله له مخرجاً من الشقاء الزوجي ، ومن لا يتقي الله في اختيار زوجته تريه النجوم ظهراً ، لأن المرأة جنة أو نار .
من يتق الله في تربية أولاده يجعل الله له مخرجاً من عقوقهم ، فحينما تعتني بابنك صغيراً ، تأخذه إلى المسجد ، تحفظه كتاب الله ، تهتم بأخلاقه ، بأصدقائه ، بدراسته ، بصحته ، بعاداته ، بتقاليدك ، هو معك يلزمك ، فإذا شبّ رأيته قرّة عين لك .
يا أيها الإخوة ، نحن في امتحان ، عندنا مشكلة زوجية ، مشكلة الأولاد ، مشكلة الدخل ، مشكلة الصحة :
﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ﴾
حدثني أحد علماء دمشق جاءه شاب ، قال له : أنا ما معي شيء ، وأنا في سن الشباب ، وأنا أتمنى أن أتزوج ، لا بيت ، ولا عمل ، ولا مهر ، يعمل في محل تجاري بدخل قليل جداً ، قال له : اتقِ الله ، قال له : هذه أين تصرف ؟ كيف أتقي الله ؟! ما فهِم أبعادها ، قال له : ما عندي غيرها ، مع السلامة .. هذا الرجلُ فكّر في قول العالم : اتقِ الله ، مجال تقواه عمله ، هو موظف بسيط جداً في محل ، يبدو أنه أخذ هذا الكلام بمحمل خطير ، قال بعدها : داومت دواما كاملا كأن المحل لي ، غضضت بصري عن أي فتاة تدخل إلى المحل ، ما كذبت أبداً ، نصحت الزبائن ، يذكر تفاصيل ، فصاحب المحل وجد الوضع غير طبيعي ، كأن هذا العامل صاحب المحل ، من كثرة اهتمامه ، ودوامه الكامل ، الذي حصل أن صاحب المحل طمع به أن يكون زوجاً لابنته ، لكن ما أخبره ، وأمّن له بيتا جيد جداً ، وصار يقول له : رافقني ، أنا مضطر أن أكسو بيتا ، أنا أحب ذوقك ، هو يختار السيراميك ، هو يختار البلاط ، بعدما انتهى هذا البيت قال له : هذا البيت لك ، أنا سأزوجك ابنتي ، فدعا الشيخ إلى عقد القرآن ، قال له : سيدي ما تذكرتني ؟ قال له : لا والله ، قال له : أنا مرة جئت إليك ، وقلت لي : اتقِ الله ، أنا اتقيت الله فأكرمني بزوجة وبيت ودخل جيد .
أنا والله وألقى الله بهذا الكلام : لا أصدق في الأرض في القارات الخمس من آدم إلى القيامة أن شابا يتقي الله والله عز وجل لا يفرج عنه ، وما أكثر المشكلات .
والله مشكلات العالم الإسلامي تنهد لها الجبال ، صعوبات كثيرة ، طرقٌ مسدودة ، أبواب مغلقة ، قهر كبير ، قتل يوميّ ، فقد حرية ، مرض عضال ، جوائح مميتة ، شيء لا يحتمل ، وأنتم ترون بعيونكم ماذا يجري في العالم :
﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ﴾
من يتق الله فى إختيار زوجته : ( يجعل له مخرجا ) من الشقاء الزوجى .
من يتق الله فى تربية أولاده : ( يجعل له مخرجا ) من عقوقهم .
من يتق الله فى كسب ماله : ( يجعل له مخرجا ) من تلف المال .
من يتق الله فى التوحيد : ( يجعل له مخرجا ) من الشرك .
فعليك بتقوى الله عز وجل ، فى نفسك وفى بيتك وفى عملك وفى كل حياتك ، وسترى أثر ذلك فى تفريج كربتك وحل مشاكلك وفى جميع أمورك .
أدعـيـة لـتـفـريـج الـكـرب والـهـمــ
أخرج أحمد عن عبد الله بن مسعود أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما قال عبد قط إذا أصابه هم وحزن : اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ، ناصيتي بيدك ، ماض في حكمك ، عدل في قضاؤك ، أسألك بكل اسم هو لك ، سميت به نفسك ، أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحدا من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ، ونور صدري، وجلاء حزني ، وذهاب همي . إلا أذهب الله همه ، وأبدله مكان حزنه فرحا . قالوا : يارسول الله ينبغي لنا أن تعلم هؤلاء الكلمات ؟ قال : " أجل ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن " .
وأخرج أحمد والترمذي عن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " دعوة ذي النون وهو في بطن الحوت : لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له " .
وأخرج أحمد وأبو داود وابن ماجه عن أسماء بنت عميس قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب ، أو في الكرب : الله الله ربي لا أشرك به شيئا .
وأخرج البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو عند الكرب يقول : " لا إله إلا الله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب السموات والأرض ورب العرش العظيم " .
وأخرج أحمد وأبو داود عن نفيع بن الحارث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " دعوات المكروب : اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت " .
والحمد لله رب العالمين
[ منقول من عدة مصادر ]