نسبها
بركة بنت ثعلبة بن عمرو بن حصن ، وهي أم أيمن ، غلبت عليها كنيتها ، كنيت بابنها أيمن بن عبيد ، وهي بعد أم أسامة بن زيد , وقد أسلمت قديمًا أول الإسلام ، وهاجرت إلى الحبشة وإلى المدينة ، وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم .
من مواقفها مع الرسول
من المواقف الرائعة التي حدثت بين أم أيمن والرسول صلى الله عليه وسلم أنه لما حضرت بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم صغيرة ، فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم فضمها إلى صدره ثم وضع يده عليها فقضت ، وهي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبكت أم أيمن فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أم أيمن ، أتبكين ورسول الله عندك ؟ " , فقالت : ما لي لا أبكي ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبكي , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني لست أبكي ولكنها رحمة " ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " المؤمن بخير على كل حال تنزع نفسه من بين جنبيه وهو يحمد الله ".
وقد روت عن النبي صلى الله عليه وسلم العديد من الأحاديث ، منها " عن أم أيمن - رضي الله عنها - أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بعض أهل بيته ، فقال : " لا تشرك بالله وإن عذبت وإن حرقت ، وأطع ربك ووالديك وإن أمراك أن تخرج من كل شيء فاخرج ، ولا تترك الصلاة متعمدًا ؛ فإنه من ترك الصلاة متعمدًا فقد برئت منه ذمة الله ، إياك والخمر فإنها مفتاح كل شر ، وإياك والمعصية فإنها تسخط الله ، لا تنازعن الأمر أهله ، وإن رأيت أنه لك لا تفر من الزحف ، وإن أصاب الناس موت وأنت فيهم فاثبت ، أنفق على أهلك من طولك ولا ترفع عصاك عنهم ، وأخفهم في الله ".
وعن أم أيمن قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يقطع السارق إلا في حجفة " وقومت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارًا أو عشرة دراهم .
من مواقفها مع الصحابة
يقول أنس : كان الرجل يجعل للنبي صلى الله عليه وسلم النخلات حتى افتتح قريظة والنضير ، وإن أهلي أمروني أن آتي النبي صلى الله عليه وسلم فأسأله الذي كانوا أعطوه أو بعضه ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أعطاه أم أيمن ، فجاءت أم أيمن فجعلت الثوب في عنقي تقول : كلا والذي لا إله إلا هو ، لا يعطيكم وقد أعطانيها ، أو كما قالت , والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : " لَكِ كَذَا ", وتقول : كلا والله حتى أعطاها - حسبت أنه قال - عشرة أمثاله ، أو كما قال .
قال أبو بكر بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر : انطلق بنا إلى أم أيمن نزورها ، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها , فلما انتهينا إليها بكت ، فقالا لها : ما يبكيك ؟ ما عند الله خير لرسوله صلى الله عليه وسلم فقالت : ما أبكي أن لا أكون أعلم أن ما عند الله خير لرسوله صلى الله عليه وسلم ، ولكن أبكي أن الوحي قد انقطع من السماء فهيجتهما على البكاء ، فجعلا يبكيان معها .
كلماتها
عن أم أيمن - رضي الله عنهما - قالت : " ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم شكا صغيرًا ولا كبيرًا جوعًا ولا عطشًا ، كان يغدو فيشرب من ماء زمزم ، فأعرض عليه الغداء فيقول : لا أريده أنا شبع ".
وقالت أم أيمن ترثي النبي صلى الله عليه وسلم :
عين جودي فإن بذلك للدمـع *** شفـاء فأكثـري م البكـاء
حين قالوا الرسول أمسى فقيـدا *** ميتـا كان ذاك كل البـلاء
وابكيا خير من رزئناه في الدنيـا *** ومن خصه بوحــي السماء
بدموع غزيـرة منـك حتـى *** يقضي الله فيك خيـر القضـاء
فلقد كان ما علمت وصـولا *** ولقد جاء رحمة بالضيـاء
ولقد كان بعد ذلك نــورا *** وسراجا يضيء في الظلماء
طيب العود والضريبة والمعدن *** والخيـم خاتـم الأنبيـاء
وفاتها
اختلف في وفاتها ، قال ابن كثير: " توفيت بعد النبي صلى الله عليه وسلم بخمسة أشهر ، وقيل ستة أشهر ، وقيل إنها بقيت بعد قتل عمر بن الخطاب ".
وجاء في مستدرك الحاكم : " توفيت أم أيمن مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاضنته في أول خلافة عثمان بن عفان " .
المصدر : قصة الإسلام / د. راغب السرجانى .