

الدعاء سمة العبودية ، وروضة القلب ، وجنة الدنيا ، عبادة ميسورة مطلقة غير مقيدة بمكان ولا زمان ولا حال ، هو عدو البلاء يدافعه ويعالجه ويمنع نزوله ويرفعه أويخففه إذا نزل ، يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
" أنا لا أحمل هم الإجابة فإذا ألهمت الدعاء فإن معه الإجابة "
الدعاء بإذن الله يكشف البلايا والمصائب ويمنع وقوع العذاب والهلاك ، وهو سلاح المؤمن ، لا شيء من الأسباب أنفع ولا أبلغ في حصول المطلوب منه ، ما استجلبت النعم ولا استدفعت النقم بمثله ، به تفرج الهموم وتزول الغموم ، كفاه شرفا قرب الله من عبده حال الدعاء
( وإِذَا سَألَكَ عِباديْ عَني فَإني قريبٌ أُجيب دعوةَ الداعِ إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بِي لعلهُمْ يرشُدُونَ ) البقرة 186
وأعجز الناس من عجز عن الدعاء .
بالدعاء تسمو النفس ، وتعلو الهمم ، ويقطع الطمع عما في أيدي الخلق ، هو سهام الليل يطلقه القانتون ، وهو حبل ممدود بين السماء والأرض ، فالجأ إلى الله في الطلب والتحصيل ، وافزع إليه وحده في الدعاء واللجوء إليه والانكسار بين يديه ، والأرزاق خزائن ومفاتيحها السؤال ، وثق بأن خزائن الله ملأى ويديه سحاء الليل والنهار لا تغيضها نفقة ، فادع وربك الأكرم ، وألق نفسك بين يديه ، وسلم الأمر كله إليه ، واعزم المسألة ، وعظم الرغبة ، فما رد سائله ولا خاب طالبه ، ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالخلق لم تسد فاقته ومن أنزلها بالرب فنعم الرزاق هو، ومن ظن بربه خيرا أفاض عليه جزيل خيراته وأسبل عليه جميل تفضلاته ، فلازم الطلب فالمعطي كريم ، والكاشف قدير، ولا تستعجل الإجابة إذا دعوت ، ولا تستبطئها إذا تأخرت ، ومن يكثر قرع الأبواب يوشك أن يفتح له ، ومن حلَّت به نوائب الدهر وجأر إلى الله حماه
( أمّن يَجِيبُ المُضطر إذا دعاهُ ويكشف السّوءَ ويجعلكم خُلفاءَ الأرضِ أءله مع الله قليلاً ما تذكرُونَ ) النمل 62
ألقي يونس في بطن الحوت ، وبالدعاء نبذ بالعراء من غير أذى .
وإذا تزخرف الناس بطيب الفراش فارفع أكف الضراعة إلى المولى في دجى الأسحار، فبدعوة تتقلب الأحوال ، فالعقيم يولد له ، والسقيم يشفى ، والفقير يرزق ، والشقي يسعد ، بدعوة واحدة أغرق أهل الأرض جميعهم إلا من شاء الله وهلك فرعون بدعوة موسى، قال سبحانه :
﴿ وقال موسَى ربّنا إنك ءاتيت فرعون وملأه زينةً وأموالاً في الحياة الدنيا ربّنا لِيضلوا عن سبيلك ربنَا اطْمس على أموالِهِم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروُا العَذابَ الأليم ﴾ يونس:88
ووهب ما وهب لسليمان بغير حساب بسؤال ربه الوهاب ، وشفى الله أيوب من مرضه بتضرعه
( وأيوب إذ نادى ربه أنّي مسّني الضر و أنت أرحم الرحمين ) الأنبياء:83
فأكثر الدعاء لنفسك بالهداية والبعد عن الفتن والثبات على الدين وإصلاح نيتك وإخلاص عملك .