نسب فاطمة الزهراء
فاطمة الزهراء بنت رسول الله محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم القرشية سيدة نساء الأمة ، وأحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , أمها خديجة بنت خويلد بن أسد القرشية سيدة سيدات بيت النبوة , لقِّبت بالزهراء ، وكانت تُكنى أم الحسن وأم الحسين ، وكان يطلق عليها أم أبيها , زوجها هو علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي ، وابناها هما الحسن والحسين سيدا فتيان الجنة .
ولدت فاطمة - رضي الله عنها - سنة إحدى وأربعين من مولد النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنكح رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة - رضي الله عنها - علي بن أبي طالب – رضى الله عنه - بعد وقعة أُحد ، وكان سنُّها يوم تزويجها خمس عشرة سنة وخمسة أشهر ونصفًا ، وكان سنُّ عليٍّ – رضى الله عنه - إحدى وعشرين سنة وخمسة أشهر .
وكانت فاطمة - رضي الله عنها - أصغر بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ إذ كانت زينب الأولى ، ثم الثانية رقية ، ثم الثالثة أم كلثوم ، ثم الرابعة فاطمة الزهراء ، وانقطع نسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا منها ؛ فإن الذكور من أولاده ماتوا صغارًا ، وأما البنات فإن رقية - رضي الله عنها - ولدت عبد الله بن عثمان فتوفي صغيرًا ، وأما أم كلثوم - رضي الله عنها - فلم تلد ، وأما زينب -رضي الله عنها - فولدت عليًّا ومات صبيًّا ، وولدت أمامة بنت أبي العاص فتزوجها عليّ ، ثم بعده المغيرة بن نوفل , قال الزبير –رضى الله عنه - انقرض عقب زينب .
زواج فاطمة الزهراء من علي
وفي قصة زواجها يقول علي بن أبي طالب – رضى الله عنه - خطبت فاطمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت لي مولاة لي : هل علمت أن فاطمة خطبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قلت : لا , قالت : فقد خطبت ، فما يمنعك أن تأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيزوِّجك , فقلت : وعندي شيء أتزوج به ؟! فقالت : إنك إن جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم زوَّجك , فوالله ما زالت ترجِّيني حتى دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم جلالة وهيبة ، فلما قعدت بين يديه أفحمت ، فوالله ما أستطيع أن أتكلم ، فقال : " ما جاء بك ، ألك حاجة ؟ " , فسكتُ ، فقال : " لعلك جئت تخطب فاطمة ؟ " , قلت : نعم , قال : " وهل عندك من شيء تستحلها به ؟ " , فقلت : لا - والله - يا رسول الله , فقال : " ما فعلت بالدرع التي سلحتكها " , فقلت : عندي والذي نفس عليٍّ بيده ، إنها لحطمية ما ثمنها أربعمائة درهم , قال : " قد زوجتك ، فابعث بها ، فإن كانت لصداق فاطمة بنت رسول الله " , وقد ولدت - رضي الله عنها - له الحسن والحسين وأم كلثوم وزينب ، ولم يتزوج عليٌّ - رضى الله عنه - عليها غيرها حتى ماتت .
مواقف من حياة فاطمة الزهراء مع الرسول صلى الله عليه وسلم
كانت فاطمة - رضي الله عنها - من قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكان ؛ إذ كانت من أحب الناس إليه ، كيف لا وهي بنت مَن رزقه الله حبها ، وهي خديجة رضي الله عنها ، وكانت أشبه الناس بها ، فلما ماتت كانت تقوم مقام أمها في تخفيف الآلام والأحزان عنه صلى الله عليه وسلم ، وتساعده في شئون حياته ومعيشته ، حتى بعد زواجه وزواجها رضي الله عنها , وكانت - رضي الله عنها - تستعين به وتستشيره صلى الله عليه وسلم في قضاء حوائجها ، لعلمها بأنه سيخفف عنها ويدلها على الخير ؛ وفي ذلك يروي زوجها علي – رضى الله عنه - فيقول : شكت فاطمة - رضي الله عنها - ما تلقى في يدها من الرَّحَى ، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم تسأله خادمًا فلم تجده ، فذكرت ذلك لعائشة ، فلما جاء أخبرته .
قال علي – رضى الله عنه - فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا ، فذهبت أقوم فقال : " مكانك " , فجلس بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري ، ثم قال : " ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم ؟ إذا أويتما إلى فراشكما فكبرا ثلاثًا وثلاثين ، وسبحا ثلاثًا وثلاثين ، واحمدا ثلاثًا وثلاثين ، فهذا خير لكما من خادم " . وفي مشهده الأخير صلى الله عليه وسلم وهو على فراش الموت ، كان لها هذا الموقف المؤثر ، يقول أنس رضى الله عنه لما تغشى رسول الله صلى الله عليه وسلم الكرب ، كان رأسه في حجر فاطمة ، فقالت فاطمة رضي الله عنها : واكرباه يا أبتاه ! فرفع رأسه صلى الله عليه وسلم وقال : " لا كرب على أبيك بعد اليوم يا فاطمة " .
من مواقف فاطمة الزهراء مع الصديق أبي بكر
وذلك حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءته تطلب إرثها ؛ فعن أبي الطفيل قال : جاءت فاطمة - رضي الله عنها - إلى أبي بكر رضى الله عنه ، فقالت : يا خليفة رسول الله ، أنت ورثت رسول الله صلى الله عليه وسلم أم أهله ؟! قال : بل أهله , قالت : فما بال سهم رسول الله ؟ قال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إذا أطعم الله نبيًّا طعمة ثم قبضه جعله للذي يقوم بعده " , فرأيتُ أن أردَّه على المسلمين , فقالت : أنت ورسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم .
أثر الرسول صلى الله عليه وسلم في تربية فاطمة الزهراء
لقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم المعلم والمربي تأثيرٌ كبيرٌ في شخص ابنته فاطمة رضي الله عنها ، فمن يوم أن جاء جبريل – عليه السلام - بقوله تعالى { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ } [الشعراء: 214] , قام صلى الله عليه وسلم وقال : " يا معشر قريش ، اشتروا أنفسكم ، لا أغني عنكم من الله شيئًا ، يا بني عبد مناف لا أغني عنكم من الله شيئًا ، يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئًا ، ويا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئًا ، ويا فاطمة بنت محمد سليني ما شئت من مالي ، لا أغني عنك من الله شيئًا ".
يروي ثوبان فيقول : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على فاطمة - رضي الله تعالى عنها - وأنا معه ، وقد أخذت من عنقها سلسلة من ذهب ، فقالت : هذه أهداها إليَّ أبو حسن . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا فاطمة ، أيسرك أن يقول الناس : فاطمة بنت محمد وفي يدك سلسلة من نار " , ثم خرج ولم يقعد ، فعمدت فاطمة إلى السلسلة فاشترت غلامًا فأعتقته , فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم , فقال : " الحمد لله الذي نجَّى فاطمة من النار ".
من ملامح شخصية فاطمة الزهراء
الأصدق لهجة : يُروى في ذلك عن عائشة - رضي الله عنها - أنها كانت إذا ذُكرت فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم ، قالت :" ما رأيت أحدًا كان أصدق لهجة منها إلا أن يكون الذي ولدها ".
والأشد حياء : إذا كان مربيها صلى الله عليه وسلم أشد حياءً من العذراء في خدرها ، فكيف نتوقع أن تكون هي رضي الله عنها ؟! فلقد بلغ من شدة حيائها - رضي الله عنها - أنها كانت تخشى أن يصفها الثوب بعد وفاتها ، وأنها استقبحت ذلك كثيرًا حتى جعلت لها أسماء بنت عُمَيْس - رضي الله عنها - نعشًا ، وهو أول ما كان النعش آنذاك , ثم الأكثر من ذلك أنها - رضي الله عنها - أمرت أسماء أن تغسّلها هي وزوجها فقط ، وأن لا تُدخِل عليها أحدًا ، فكانت - رضي الله عنها - أول من غُطِّي نعشها من النساء في الإسلام .
وترضى بأقل القليل : فهي رضي الله عنها وإن كانت تعلم أنها بنت سيد المرسلين وخاتم النبيين وسيد ولد آدم - لم تطمع في الحياة ، ولم تطمح نفسها إلى الخيال بالعيش الراغد والحياة الهنيئة ، بل إنها قد ضُرب بها المثل في زواجها اليسير المهر، القليل المؤنة ، فقد كان مهرها درعًا ، وأساس متاعها ما هو إلا سرير مشروط ، ووسادة من أَدَمٍ حَشْوُها ليفٌ ، وقِرْبة , وبعد زواجها - رضي الله عنها - عاشت حياة بسيطة متواضعة ، فهي تطحن وتعجن خبزها بيديها مع إدارة كافة شئون بيتها الأخرى ، إضافةً إلى واجبات زوجها عليها كما تعلمتها في بيت أبيها صلى الله عليه وسلم .
فضائل فاطمة الزهراء رضي الله عنها
لا يستغرب إذن على مثل هذه الشخصية العظيمة أن يورد في فضلها الكثير من الأحاديث والروايات التي تبرز مكانتها - رضي الله عنها - في هذه الأمة ، وكان من هذا ما يلي :
(1) أحب أهل رسول الله إليه : فعن أسامة بن زيد رضى الله عنه قال : كنت في المسجد فأتاني العباس وعليّ فقالا لي : يا أسامة ، استأذن لنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخلت على النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنته فقلت له : إن العباس وعليًّا يستأذنان , قال : " هل تدري ما حاجتهما ؟ " , قلت : لا والله ما أدري , قال : " لكني أدري ، ائذن لهما " , فدخلا عليه فقالا : يا رسول الله ، جئناك نسألك ، أي أهلك أحب إليك ؟ قال " أحب أهلي إليَّ فاطمة بنت محمد " , فقالا : يا رسول الله ، ليس نسألك عن فاطمة ، قال : " فأسامة بن زيد الذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه ".
(2) شجنة من رسول الله : عن المسور بن مخرمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما فاطمة شجنة مني ، يبسطني ما يبسطها ، ويقبضني ما يقبضها ".
(3) من خير نساء العالمين : عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خير نساء العالمين : مريم بنت عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ، وآسية امرأة فرعون ".
من الأحاديث التي روتها فاطمة الزهراء
وكان مما روته فاطمة الزهراء - رضي الله عنها - عن أبيها صلى الله عليه وسلم أنها قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد قال : " باسم الله ، والسلام على رسول الله ، اللهم اغفر لي ذنوبي ، وافتح لي أبواب رحمتك " , وإذا خرج قال : " باسم الله ، والسلام على رسول الله ، اللهم اغفر لي ذنوبي ، وافتح لي أبواب فضلك " .
وفاة فاطمة الزهراء
ماتت فاطمة - رضي الله عنها - بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم لثلاث ليالٍ خلون من شهر رمضان ، وهي ابنة تسع وعشرين سنة أو نحوها ، وكانت أول أهله لحوقًا به ، وصلى عليها زوجها علي بن أبي طالب رضى الله عنه بعد أن غسّلها هو وأسماء بنت عميس رضي الله عنها ، وكانت أشارت عليه أن يدفنها ليلاً .
قصة الإسلام / د.راغب السرجانى
قصة الإسلام / د.راغب السرجانى
